الصمود النفسي في أوقات الأزمات: كيف نحافظ على صحتنا النفسية وسط الاضطرابات والحروب؟
By: Dr Carla Kesrouani
Categories:
الصمود النفسي في أوقات الأزمات: كيف نحافظ على صحتنا النفسية وسط الاضطرابات والحروب؟
تمر الأوطان بأوقات عصيبة نتيجة الحروب والاضطرابات السياسية، مما يؤثر على حياة الأفراد بشكل مباشر، ليس فقط على المستوى الجسدي والاقتصادي، ولكن أيضًا على الصحة النفسية. في ظل الحرب التي يشهدها لبنان حالياً، تزداد الضغوط على الأفراد الذين يواجهون تحديات يومية كبيرة للحفاظ على استقرارهم النفسي. كيف يمكننا التكيف مع هذه الظروف الصعبة دون أن نسمح لها بأن تؤثر سلباً على صحتنا النفسية؟
فهم طبيعة القلق والصدمات
أوقات الحروب تتسم بعدم اليقين، مما يخلق شعوراً مستمراً بالقلق. من المهم أن نفهم أن هذا الشعور طبيعي، وأن القلق هو رد فعل دفاعي يعزز استعدادنا لمواجهة المخاطر. لكن عندما يتجاوز القلق حدوده ويصبح مستمراً، قد يؤثر بشكل سلبي على حياتنا اليومية.
التركيز على ما يمكن التحكم به
في خضم الأزمات، كثيراً ما نشعر بالعجز بسبب الأمور التي لا نستطيع التحكم فيها. من المهم أن نوجه طاقتنا نحو ما يمكننا السيطرة عليه، مثل العناية بأنفسنا وبأحبائنا، واتخاذ قرارات يومية مدروسة تساعد على تخفيف التوتر. هذه الخطوات الصغيرة تعزز من شعورنا بالسيطرة في عالم يبدو أنه خارج عن السيطرة.
التواصل والدعم الاجتماعي
الانعزال خلال الأزمات يزيد من تفاقم المشاعر السلبية. يجب على الأفراد الحفاظ على علاقاتهم الاجتماعية سواء عبر التواصل مع العائلة أو الأصدقاء، ولو عن بُعد. الحوار مع الآخرين يساهم في تخفيف الضغط ويجعلنا نشعر بأننا لسنا وحدنا في مواجهة الصعوبات.
إدارة المعلومات والأخبار
في زمن الحروب، تتدفق الأخبار بشكل مستمر، وقد تحمل في طياتها الكثير من السلبية. من الضروري تحديد وقت معين لمتابعة الأخبار وعدم الانغماس في متابعتها على مدار الساعة. يمكن للأخبار المقلقة أن تؤثر بشكل كبير على الحالة النفسية، لذا يجب اختيار مصادر موثوقة ومتابعتها بشكل محدود.
الممارسات اليومية لتخفيف التوتر
التأمل وتمارين التنفس: هذه الممارسات تساعد على تخفيف القلق وتمنح العقل استراحة من التفكير المتواصل.
النشاط البدني: يساعد على تحسين المزاج وإفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين.
الكتابة أو التحدث عن المشاعر: يمكن للتعبير عن المشاعر أن يكون وسيلة فعالة لتخفيف العبء النفسي.
طلب الدعم المهني
عندما تصبح الضغوط النفسية شديدة ولا يمكن التعامل معها بشكل فردي، قد يكون من الضروري طلب مساعدة متخصص في الصحة النفسية. يمكن للمعالجين النفسيين تقديم تقنيات واستراتيجيات تساعد على التكيف مع الأوضاع الصعبة، وتقديم الدعم اللازم للتعامل مع المشاعر السلبية.
التفكير في المستقبل وأمل التغيير
رغم التحديات الكبيرة التي نواجهها اليوم، من المهم أن نتذكر أن الأزمات لا تدوم. التفكير في المستقبل ووضع خطط صغيرة يمكن أن يعزز الأمل ويمنحنا دفعة إيجابية. الحفاظ على نظرة تفاؤلية ولو بقدر ضئيل يمكن أن يكون مفتاحاً للبقاء نفسياً خلال الأوقات الصعبة.
تعزيز الوعي الذاتي والمرونة النفسية
من المهم تعزيز الوعي الذاتي لتحديد مشاعرنا وأفكارنا في أوقات الأزمات. عندما نكون مدركين لمشاعرنا، يصبح من الأسهل التعامل معها بشكل صحي. المرونة النفسية هي القدرة على التكيف مع التحديات والمضي قدمًا رغم الصعوبات. يمكن تطوير هذه المهارة من خلال تعلم تقنيات التأقلم الصحي، مثل التفكير الإيجابي، والمثابرة، وإعادة تقييم التحديات كفرص للنمو. العمل على تحسين المرونة النفسية يساعد على تجاوز أوقات الشدة والاستعداد بشكل أفضل لمواجهة الأزمات المستقبلية.
خاتمة
أوقات الحروب والاضطرابات ليست سهلة، وتترك آثاراً نفسية عميقة على الأفراد. لكن من خلال اتخاذ خطوات واعية للحفاظ على صحتنا النفسية والتواصل مع أحبائنا والبحث عن الدعم عند الحاجة، يمكننا التكيف مع هذه الظروف وتجاوزها بقوة أكبر. إذا كنت تشعر بأنك بحاجة إلى مساعدة، لا تتردد في التواصل مع معالج نفسي محترف يمكنه مساعدتك على تجاوز هذه الأوقات الصعبة بسلام نفسي.
“للمزيد من النصائح والمحتوى النفسي، تابعوا الدكتورة كارلا كسرواني على الانستغرام