ألفرد آدلر وأهم أبحاثه في علم النفس
By: Dr Carla Kesrouani
Categories:
ألفرد آدلر وأهم أبحاثه في علم النفس
ألفرد آدلر هو واحد من أشهر علماء النفس في التاريخ، والذي ساهم بشكل كبير في تطور هذا العلم وفهم السلوك البشري. آدلر ولد في فيينا عام 1870، وكان يعاني من صحة ضعيفة في طفولته. هذا جعله يقرر أن يصبح طبيباً، وتخرج من كلية الطب في جامعة فيينا عام 1895. بعد ذلك، انضم إلى جمعية الأربعاء، وهي مجموعة من علماء النفس الذين كانوا يجتمعون مع سيغموند فرويد لمناقشة الأفكار الجديدة في مجال التحليل النفسي. آدلر كان معجباً بفرويد في البداية، لكنه بدأ يختلف معه في بعض النقاط، خاصة فيما يتعلق بالدور الحاسم للجنسية في تحديد شخصية الإنسان.
أهم أبحاث ألفرد آدلر في علم النفس
قدم ألفرد آدلر أبحاث رائعة وإضافات كثيرة ومميزة إلى علم النفس، مما جعل منه مدرسة مستقلة وأصبح تلاميذه فيما بعد من أهم علماء النفس، وإذا أردنا تلخيص أبرز ما قدمه فلا بد من ذكر هذه الأمور الثلاثة:
1- النفسية الفردية:
ألفرد آدلر أنشأ مدرسته الخاصة في علم النفس، والتي سماها “النفسية الفردية”، والتي تركز على دور الإحساس بالنقص والتعويض في تشكيل شخصية الإنسان. وفقاً لآدلر، كل إنسان يولد بشعور بالنقص نتيجة لضعفه أو قصوره في بعض الجوانب، مثل الصحة أو المظهر أو الموهبة. هذا الشعور يدفع الإنسان إلى سعي مستمر لتحقيق “الكمال” أو “التفوق”، والذي يختلف من شخص لآخر حسب اهتماماته وقيمه. هذا التفوق يمكن أن يكون إما “تفوق فردي”، وهو ما يسعى إلى تحقيق المصالح الذاتية دون اعتبار للآخرين، أو “تفوق اجتماعي”، وهو ما يسعى إلى تحقيق المصالح العامة والتضامن مع الإنسانية.
2- أسلوب الحياة:
أكد ألفرد آدلر أيضاً على دور “أسلوب الحياة” في تحديد شخصية الإنسان. وهو مجموعة من الأفكار والاتجاهات والأهداف التي يتبناها الإنسان منذ طفولته، والتي تحدد كيفية تفاعله مع نفسه ومع الآخرين. آدلر قسم أساليب الحياة إلى أربعة أنواع رئيسية: “الأسلوب المستقل”، وهو ما يتميز بالثقة بالنفس والإبداع والتعاون، و”الأسلوب السلبي”، وهو ما يتميز بالخوف والانسحاب والاستسلام، و”الأسلوب العدواني”، وهو ما يتميز بالغضب والتحدي والتنافس، و”الأسلوب الانطوائي”، وهو ما يتميز بالحذر والتحفظ والتحليل.
3- الميل الاجتماعي:
آدلر أضاف أيضاً مفهوم “الميل الاجتماعي”، وهو القدرة على التعاطف مع الآخرين وفهم مشاعرهم وحاجاتهم. آدلر اعتبر الميل الاجتماعي كمؤشر على النضج النفسي والصحة العقلية، وكشرط ضروري لتحقيق التفوق الاجتماعي. آدلر رأى أن الميل الاجتماعي يتطور من خلال التربية السليمة والتعليم النوعي والتجارب الإيجابية في المجتمع.
نظرة على النفسية الفردية
النفسية الفردية هي مدرسة نفسية أسسها العالم النمساوي ألفرد آدلر، والتي تهتم بدراسة الإنسان ككيان فريد ومتكامل، وليس كمجموعة من الأجزاء المنفصلة.
تنطلق من فكرة أن كل إنسان يمتلك “خطة حياة” أو “أسلوب حياة” يحدده منذ طفولته، ويستخدمه كإطار مرجعي لتفسير العالم والتعامل معه. هذا الأسلوب يعكس اهتمامات الإنسان وقيمه وأهدافه، ويحدد شخصيته وسلوكه. ويقول ألفرد آدلر إن هذا الأسلوب يتشكل بشكل أساسي بواسطة ثلاث عوامل: “الإحساس بالنقص”، و”التعويض”، و”الميل الاجتماعي”.
الإحساس بالنقص
الإحساس بالنقص هو شعور الإنسان بأنه غير كامل أو غير مثالي في بعض الجوانب، مثل الصحة أو المظهر أو الموهبة. هذا الشعور يولد لديه رغبة في تحقيق “الكمال” أو “التفوق” في تلك الجوانب، وهو ما يشكل دافعاً قوياً للنمو والتطور. آدلر يقول إن هذا الشعور ليس سلبياً بالضرورة، بل يمكن أن يكون مصدراً للإبداع والإنجاز، إذا ما استخدم بشكل إيجابي.
التعويض
التعويض هو استراتيجية يستخدمها الإنسان للتغلب على شعوره بالنقص، وذلك بتطوير قدراته ومهاراته في المجالات التي يشعر فيها بالضعف أو القصور. آدلر يقول إن التعويض يمكن أن يكون إما “تعويض صحي”، وهو ما يؤدي إلى تحسين الذات وزيادة الثقة بالنفس، أو “تعويض مرضي”، وهو ما يؤدي إلى تشويه الذات وانخفاض الثقة بالنفس.
الميل الاجتماعي
الميل الاجتماعي كما ذكرنا هو قدرة الإنسان على التعاطف مع الآخرين وفهم مشاعرهم وحاجاتهم. يقول ألفرد آدلر إن الميل الاجتماعي هو عامل رئيس في تحديد شخصية الإنسان، وأنه يتطور من خلال التجارب التي يختبرها الإنسان في عائلته ومجتمعه. آدلر يقول إن الميل الاجتماعي يمكن أن يكون إما “ميل اجتماعي صحي”، وهو ما يدفع الإنسان إلى التعاون والمساهمة في الخير العام، أو “ميل اجتماعي مرضي”، وهو ما يدفع الإنسان إلى الانانية والعدوانية والتنافس.
خاتمة
قدم ألفرد أدلر أبحاثاً بغاية الأهمية والفائدة في مختلف جوانب علم النفس. وكان من أوائل من استخدموا العلاج الجماعي والعلاج الأسري، وأكد على دور الحوار والتشجيع والتعليم في تحسين صحة الإنسان النفسية. آدلر أيضاً قدم مفاهيم مثل “الطفل المدلل” و”الطفل المهمل” و”الطفل الأوسط” لشرح تأثير الترتيب الولادي على شخصية الطفل. آدلر كان أيضاً مؤثراً على العديد من المفكرين النفسيين اللاحقين، مثل كارل روجرز وأبراهام ماسلو وفيكتور فرانكل.
توفي ألفرد آدلر في أبردين عام 1937، بعد أن ألقى محاضرة عن علم النفس في جامعة أبردين. آدلر ترك إرثاً عظيماً في علم النفس، وأثر بشكل كبير على العديد من المدارس النفسية اللاحقة، مثل علم النفس الإنساني وعلم النفس الموجه نحو الهدف. آدلر كان أول من أدخل مصطلحات مثل “شخصية نيرانية” و”شخصية مائية” و”شخصية هوائية” و”شخصية ترابية” لوصف أنواع مختلفة من الشخصيات. آدلر كان أيضاً رائداً في تطبيق علم النفس في مجالات مثل التربية والإرشاد والعلاج.
وفي الختام يسرني دعوتكم لمتابعتنا على السوشيال ميديا كمثل صفحتنا على فيسبوك لتبقوا على اطلاع بكل جديد ومفيد.